في إطار الاحتفاء بشهر التراث، أطلقت مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط التي ترأسها صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، نسخة خاصة من برنامج “أرسم تراث مدينتي” بمدينة تارودانت، بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة ووزارة الشباب والثقافة والتواصل واللجنة المغربية للمجلس العالمي للمعالم والمواقع.
ونظمت ورشة انطلاق البرنامج، يوم الثلاثاء 26 مارس 2024 بقاعة الأنشطة بالثانوية الإعدادية الحسن الأول بتارودانت، لفائدة 40 أستاذا (ة) ومديرا (ة) من 16 مدرسة ابتدائية بالمدينة ومحيطها.
واستفاد الأساتذة والمدراء المشاركون في الورشة التدريبية من تكوين نظري وتطبيقي، وقفوا خلاله عند أهم تمثلات التراث الثقافي لمدينة تارودانت كما تعرفوا على أهمية توجيه بحوث وأعمال التلاميذ إلى هذه الرموز من خلال خلق رابط عاطفي بين هؤلاء الفنانين الصغار وموضوع رسمهم.
وخلال الموسم الدراسي 2022-2024، اتخذ البرنامج من “الرموز الثقافية للمدينة” محور السنة، الذي يدعو المتعلمات والمتعلمين، الذين بلغ عددهم 450 مشاركا، لإعادة اكتشاف تراثهم الثقافي والتعبير عن رؤيتهم له من خلال رسمه وتحويله لبطاقات بريدية. وسيسمح هذا النشاط الممتع والإبداعي لهذه الفئة بالتعرف أكثر على تراثهم المادي وغير المادي الفريد مع تطوير خيالهم وإحساسهم بالجماليات.
وسيتيح برنامج “أرسم تراث مدينتي” بتارودانت الفرصة للناشئة لاكتشاف التراث الثقافي لمدينتهم. وقدسلط زلزال الحوز الضوء على ضرورة حماية التراث الثقافي وأهمية المحافظة عليه للأجيال القادمة. لذلك فإنه من المهم التربية والتوعية بهذا التراث بشقيه المادي وغير المادي لدفع جميع شرائح المجتمع وفي مقدمتهم الناشئة والشباب باتجاه صونه واستدامته.
سيكتشف المتعلمون بإشراف من أساتذتهم، حوالي ثلاثين رمزا من رموز التراث الثقافي لمدينتهم ومحيطها. هي رحلة ستجعلهم يسلطون الضوء على تمثيلات تراث الأجداد في فن العمارة وتخطيط المدن والإنسان والطبيعة من خلال المآثر والمنازل والأبواب والعادات والمجوهرات والمهارات وغيرها.
وسيستفيد المشاركون في البرنامج، من أساتذة وتلاميذ، من زيارات للمواقع والمعالم التراثية مؤطرة من طرف مهنيي التراث، مما يجعلهم يكتشفون بطريقة مختلفة الأسوار التي تحيط بالمدينة والشاهدة على عصور تاريخية مهمة، وكذا تفاصيل البوابات الأثرية والشوارع الضيقة للمدينة حيث تزدهر الحرف المحلية. سوف ينظرون باهتمام إلى الأسواق الصاخبة المليئة بالسجاد الملونة بألوان زاهية والفخار التقليدي والمجوهرات المتلألئة. مما سيثير فضولهم للتعرف أكثر على هذا التراث داخل المنزل، في فن الطبخ، وفي الاحتفالات، والعادات، والملابس، وغيرها.
بذلك فكل رسم سينجزونه سيحمل قصة تعكس جوهر ثقافتنا. هذا الرسم، سيكون مصحوبا برسالة يكتبها الصغار تعبيرا عن رؤيتهم لتراث تارودانت، ملتقطة التأثير وأدق التفاصيل وأثمن اللحظات في ترجمة واضحة لثراء وتنوع تراثنا الثقافي.
ستقوي الرسالة التي سيكتبها المتعلمون والمتعلمات بالإضافة للرسم المنجز الرابط العاطفي لديهم بتراثهم، ويجعلهم يتعرفون عليه بالتالي صونه والمحافظة عليه.
و من خلال الإبداع الفني، سيحمل فنانونا الصغار مشعل التراث الثقافي لتارودانت، ويطورون شعورًا بالمسؤولية المدنية والوعي بأهمية المحافظة عليه ونقله للأجيال القادمة.
ستجمع أعمال الفنانين الصغار من بطاقات بريدية ورسائل في مؤلف جماعي على غرار الرواية الرسائلية. وسيكون هذا الكتاب شهادة حية على إبداع الناشئة ورؤيتهم حول التراث الثقافي المادي وغير المادي بتارودانت. كما سيوفر أرشيفًا قيمًا للأجيال القادمة، ويوضح كيفية إدراكهم وتفسيرهم وتعلقهم بهذا التراث.