صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء
إلتزام أميرة

في 14 فبراير 2020، اعتمد مجلس إدارة مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط، برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، خطة عمل غنية جدا، تقدم للجهات الفاعلة في مجال التراث الثقافي – المؤسساتية، والمجتمع المدني والخبراء – فرصا متعددة لتبادل الآراء وتبادل المعارف. وعلى الرغم من الظروف الخاصة المرتبطة بأزمة جائحة كوفيد – 19، ولا سيما تدابير الوقاية الصحية الإجبارية المتخذة لسلامة الجميع، فقد تميز هذا العام بتقدم كبير وإجراءات مهمة تتجلى، من خلالها، إرادة المؤسسة في المحافظة على التراث الثقافي، ليس في الماضي فحسب، ولكن في المستقبل أيضا.

الرباط: تراث عالمي

الرباط، عاصمة حديثة ومدينة تاريخية: تراث مشترك

في عام 2012 ، أدرجت اليونسكو رسميا ”الرباط، عاصمة حديثة ومدينة تاريخية: تراث مشترك“ على قائمة التراث العالمي، مما يؤكد القيمة العالمية الاستثنائية لعاصمة المملكة المغربية. يمكن لهذا الموقع المثالي، المطل على المحيط الأطلسي من جهة، على الضفة اليسرى من مصب نهر بورقراق،  أن يتباهى باستيطان بشري يعود إلى ما قبل التاريخ بماض غني ووافر، وقد حافظت المدينة على آثاره حتى يومنا هذا.

صممت مدينة الرباط الحديثة في بداية القرن العشرين، وهي تمثل واحدة من أكبر وأكثر المشاريع الحضرية التي نفذت في أفريقيا في القرن الماضي، طموحا و ربما الأكثر اكتمالا حتى الآن. ومن حسن الحظ أنه تم الحرص على الحفاظ على التراث القائم.

وهكذا، فإن الألف ومئتي هكتار التي تغطي الموقع المصنف من قبل اليونسكو ومنطقته العازلة تحتفظ بآثار من جميع حقب تاريخ الساحل الأطلسي وعلى نطاق أوسع من المغرب، منذ العصور القديمة (الفينيقيون، الموريتانيون، الرومان) حتى القرن العشرين (الحماية الفرنسية ، المغرب المستقل) مرورا بمختلف حقب العصور الوسطى (بيرغواتا، المرابطون، الموحدون، المرينيون، السعديون) والعصر الحديث والمعاصر (العلويون). وهكذا فإن المشهد الحضري للرباط هو نتاج حوار مثمر وفريد بين الثقافات والقرون. ويتعين علينا أن ننظر إليه باعتباره كتاباً مفتوحاً تتألف فصوله من ثمانية خصائص تراثية رائعة:

الرباط، موقع ذو قيمة عالمية مزدوجة استثنائية

وكما يشير ملف تسجيل الرباط في قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو، فإن المدينة الحديثة تستوفي معيارين لتأهيل القيمة العالمية الاستثنائية للموقع: مكان مهم لتبادل التأثيرات (المعيار الثاني) ومثال بارز على مجموعة معمارية توضح فترة هامة من تاريخ البشرية (المعيار الرابع).

مكان مهم لتبادل التأثيرات

استنادا إلى المعيار الثاني، فإن المجمع الحضري والمعالم الأثرية والأماكن العامة في مدينة الرباط الحديثة تشهد بشكل فريد على انتشار الأفكار الأوروبية في أوائل القرن العشرين وتأقلمها مع المغرب، كما أنها تشكل في المقابل تأثيرا مغربيا على العمارة والفنون الزخرفية في ذلك الوقت. فالمعماريون والمخططون الأوروبيون في ذلك العصر لم يحترموا القيم العديدة للتراث العربي الإسلامي في الماضي فحسب، بل إنها كانت مصدر إلهام لهم، إذ كانوا يكيفون القيم الحداثية الحضرية والهندسة المعمارية مع سياق المغرب العربي، في انسجام مع المدينة العريقة ومكوناتها التاريخية العديدة. 

ما أفرز ظهور أسلوب أصلي وتراث استثنائي تتداخل فيه تأثيرات العديد من الثقافات الرئيسية في التاريخ الإنساني: القديم، الإسلامي، الأسباني- المغاربي والأوروبي.

مثال بارز على فترة هامة في التاريخ

وكما ورد في المعيار الرابع، تشكل بعض المواقع شهادة رئيسية على الوقت الذي شيدت فيه. هذا ينطبق على مدينة الرباط الحديثة. ويقدم هذا المجمع الحضري شهادة بارزة ومكتملة على التخطيط الحديث. وقد تم تصميمه بطريقة عقلانية، بما في ذلك الأحياء والمباني ذات الوظائف المحددة جيدا والخصائص البصرية والمعمارية الهامة. ويتسم المحيط المصنف بتماسك مساحاته العامة وتنفيذ أفكار النظافة الصحية (شبكات الإمداد بالمياه، ودور الغطاء النباتي، وما إلى ذلك)، فهو يجمع بين الأحياء ذات الهوية القوية: المدينة القديمة والقصبة، أو الأحياء السكنية من الطبقة المتوسطة في المدينة الجديدة، أو الحي التقليدي الجديد في منطقة الأحباس ديور الجامع. من ثم فإن المدينة الحديثة تجسد التحضر السباق الذي يهتم بالحفاظ على المعالم التاريخية والسكن التقليدي.

عناصر التراث المدمجة في الموقع المدرج في القائمة:

المدينة الجديدة

بنيت على أساس خطة التنمية التي وقعها هنري بروست في عام 1914، المدينة الجديدة تطورت إلى جنوب المدينة القديمة، داخل أسوار الموحدين، على نفس الموقع الذي خطط فيه يعقوب المنصور، لإنشاء مدينة كبيرة، قبل سبعة قرون. 

يقع المركز الحضري حول محور رئيسي، طريق المخزن (شارع محمد الخامس الحالي). هذا الشريان الطويل منظم في سلسلتين. الأولى، ضيقة وتجارية، تخلق مرحلة انتقالية مع المدينة القديمة.

والثانية، الأكبر والأبهى، حيث تتواجد الإدارات والمصالح التي تديرها الدولة المركزية (مكتب البريد، محطة السكك الحديدية، المحكمة، الخزانة، مصرف المغرب) بالإضافة إلى الفنادق المرموقة وسلسلة من المحلات التجارية الأنيقة أسفل المباني التي تمزج بين الكلاسيكية الجديدة، والفن الجديد، والآرت ديكو أو الأساليب الحديثة مع اللغة المعمارية العربية الأندلسية. ويستمر المحور الحضري نحو باب زعير حيث نجد، على اليسار، حي الإقامة العامة للحامية الفرنسية وعلى اليمين القصر الملكي في حي تواركا. ولدت المدينة الجديدة في الوقت الذي انتشرت فيه أفكار النظافة الصحية، لذا زودت بأنابيب تحت الأرض للتخلص من مياه الصرف الصحي، والعديد من المساحات الخضراء، والممرات الواسعة التي تسمح باختراق الضوء. ويستمر المحور الحضري نحو باب زعير حيث نجد، على اليسار، حي الإقامة العامة للحامية الفرنسية وعلى اليمين القصر الإمبراطوري في حي تواركا.

حي الأحباس ديور الجامع

يقع على بعد بضع مئات من الأمتار من باب الحد، على محج الحسن الثاني ، تم بناء هذه الحي عام 1917 لفك الضغط على المدينة القديمة التي كانت، آنذاك، مشبعة ولا يمكن أن تستوعب سكان جدد جذبتهم هذه المدينة الدائمة النمو، خصوصا بعد إعلانها عاصمة سنة 1912. صمم من قبل المهندس المعماري أ. لابراد وطبق من قبل اثنين آخرين من المهندسين المعماريين الفرنسيين، كاديت وبريان، حي الأحباس ديور الجامع يتبع النموذج الحضري والمعماري التقليدي للمدن المغربية مع دمج الأفكار الحداثية. وبمسارات منتظمة، توزع على كلا الجانبين، الأزقة والطرق المسدودة. ويشكل المجمع وحدة حضرية مستقلة تتكون من المساكن والتجهيزات اللازمة داخل الحي (الحمام، الفرن، المدرسة، إلخ) وخارجه (المسجد).
 

حدائق الرباط التاريخية

في طلائع حركة دولية ناشئة أنذاك، وهي حركة مدن الحدائق، أراد الجنرال المقيم ليوطي أن يجعل من العاصمة الجديدة للمغرب “مدينة خضراء ومزهرة”. وبالتالي، فإنه سيعهد إلى جان كلود فوريستر، مبدع العديد من الحدائق والبساتين الشهيرة في جميع أنحاء العالم، بمهمة التخطيط لنمو حضري يحدده ويسيطر عليه نظام من المساحات والحدائق العامة، وتربطه شبكة طرقية. يمكن لعاصمة المغرب أن تتباهى بعدة مساحات خضراء رائعة، مثل حديقة التجارب النباتية، وهي أكبر حديقة عامة في الرباط أنشئت في عام 1914، وحديقة نزهة حسان (حديقة مثلث الرؤيا سابقا)، وحدائق الإقامة العامة، أو محج نزهة النصر. واستمرت هذه الرغبة في إعطاء الأولوية في المساحات الخضراء دون انقطاع منذ الاستقلال، خصوصا مع افتتاح حديقة الحسن الثاني في عام 2020. وتجدر الإشارة إلى أن العاصمة أعلنت “مدينة خضراء ” في 22 أبريل 2010، خلال الاحتفال بالذكرى السنوية الأربعين ليوم الأرض.

المدينة القديمة

تقع بالقرب من قصبة الوداية وتحتل مساحة تبلغ 91 هكتاراً بين مقبرة لعلو (وهي عبارة عن شريط عازل يفصل بينها وبين المحيط الأطلسي)، وأسوار الموحدين (إلى الغرب)، والسور الأندلسي (إلى الجنوب)، وبورقراق (إلى الشرق). في هذه الأزقة غير المنتظمة، تتجمع المساكن التقليدية حول قصور برجوازية كبيرة لا توحي جدرانها بأي شيء من الروعة المعمارية التي بداخلها. إن شارع السويقة (المعروف أيضاً باسم سوق الصباط، والذي يعني حرفياً سوق “الحذاء”) وشارع القناصلة يعتبران من المعالم البارزة بالمدينة القديمة. وهذا الأخير، الذي صمم في عهد جمهورية بورقراق التي لم تدم طويلا (القرن السابع عشر)، حافظ على سحره الماضي. فكانت، لقرون، الشريان المفضل لكبار التجار والوفود الأجنبية الذين عاشوا هناك حتى عام 1912. معظم قصور المدينة لا تزال وفية للهندسة المعمارية التقليدية، رغم أن العديد منها يتميز بأسلوب أوروبي. وكانت منطقة الملاح، وهي المنطقة التي كانت تتركز فيها الأسر اليهودية تقليديا، تقع في الجنوب الغربي. تحتوي المدينة على كنوز معمارية حقيقية، معابد يهودية، فنادق، مساجد، زوايا، نافورة، حمامات، ومنازل أزلية لأسر رباطية عظيمة، تحيط بها أبراج، وأسوار موريسكية، وبوابات الموحدين.

– مسجد حسان وضريح محمد الخامس  

يقع هذا الموقع في الشمال الشرقي من المدينة، على تلة صغيرة تطل على مصب نهر أبي رقراق، وهو من أعمال الخليفة الموحدي يعقوب المنصور الذي قام في عام 1184 ببناء ما كان من المقرر أن يكون أكبر مسجد في غرب البحر الأبيض المتوسط، وقد تم التخلي عن المشروع قبل وقت قصير من وفاته في عام 1199. الصومعة التي لم تكتمل، والأعمدة الحجرية الأسطوانية فرضت وجودها، وشكلت لقرون، معلما حضريا بارزا، ورمزا للمدينة. وعلى امتداد مصب نهر بورقراق، توفر المنارة صلة وصل بين مدينتي الرباط وسلا التوأم. ومنذ عام 1969، أضاف ضريح محمد الخامس روعته إلى هذا الموقع. قاعة الضريح هذه مستوحاة مباشرة من مقابر الميرينيين والسعيديين يعلوها قبو مزخرف بشكل رائع ويزينها من الخارج سقف هرمي من البلاط الأخضر. ومن خلال شرفة المعرض، يمكن للزوار الدخول إلى قاعة الضريح والترحم على أرواح الملك محمد الخامس وأبنائه، الأمير مولاي عبد الله والملك الحسن الثاني. هذه التحفة المعمارية تقدم توليفة رائعة من الفنون الزخرفية المغربية التي تستمد جذورها من الدراية الفنية التي تم تطويرها ونقلها لعدة قرون.
 

الأسوار وبوابات الموحدين

هذه الأسوار، إلى جانب مسجد حسان، هي جزء من رباط الفتح، وهو المشروع الحضري الضخم الذي لم يكتمل في عهد الخليفة الموحدي يعقوب المنصور. من المحتمل أن تكون هذه الأسوار قد اكتملت في عام 1197، وتمتد إلى ما يقرب من 1200 مترا وتحيط بمساحة 450 هكتارا. وتطل عليها 74 برجا وثلاث بوابات كبيرة (باب لعلو، وباب الحد، وباب الرواح) فضلا عن بوابة أصغر حجما، باب زعير، كل منها مزين بأنماط منقوشة بعناية فائقة. باب الرواح، البديع في شكله المعماري وفي ديكوره، كانت له وظيفة عسكرية مهمة وهو الآن، مثل باب لكبير، معرض فني مشهور.

قصبة الوداية

ترتفع القصبة شمال شرق المدينة، على مرتفع صخري، وتهيمن على مدينتي الرباط وسلا والساحل الأطلسي ومصب بورقراق. هذا الحصن الذي يعود إلى القرون الوسطى، شكل المقر المؤقت للسلطة الموحدية، كان النواة الأولى للمدينة. ويحتفظ الموقع بآثار الموريسكيين، وهم أسر مسلمة طُردت من إسبانيا، قاموا بتشييد أبنية دفاعية لتعزيز حماية قصبة الوداية، ولكن الأسرة العلوية هي التي منحتها، في القرن السابع عشر، مبانيها الأكثر رمزية، بما في ذلك أسوار مولاي رشيد والإقامة الأميرية الأنيقة والرائعة، والتي أنجزت في عهد السلطان مولاي إسماعيل لابنه، حاكم منطقة الرباط سلا.

 منذ القرن العشرين، تم تزيين قصبة الوداية بحديقة أندلسية معشبة. صممها موريس ترانشانت دي لونيل، المفتش الأول للمعالم التاريخية المغربية، وهذه الحديقة مغلقة أمام العين الخارجية. عليك عبور باب سرية لاكتشاف كل ثراء روائحها وألوانها. وتؤدي الممرات، التي تصطف بالأشجار المثمرة والأزهار، إلى باب منخفض، مما يتيح الوصول إلى مقهى موريسكي، وهو شرفة مفروشة تقدم منظرا رائعا لمدينة سلا ومصب بورقراق.

الموقع الأثري شالة

على الضفة اليسرى من بورقراق يقف ضل شالة الأنيق شامخا. منذ غابر العصور، (القرنين السابع والخامس قبل الميلاد)، ذُكِر هذا الموقع من قِبَل المؤلفين الرومان تحت إسم سالا. وقد أتاحت الحفريات الكشف عن آثار هذه القلعة الماضية، التي تجسدت من خلال بقايا المعابد، الحمامات، البازيلكا، أو حتى المعبد الرئيسي (الكابيتول)، والساحة العمومية (الفوروم). على أنقاض هذه المدينة القديمة، أتى المرينيون لبناء، في نهاية القرن الثالث عشر، مقبرة محاطة بأسوار مهيبة لا تزال حتى اليوم تعطي كل روعتها لشالة. منذ أن تم التخلي عن الموقع في القرن الثامن عشر، أخذت الطبيعة حقوقها، مما حول المكان تلقائيًا إلى حديقة ساحرة مشبعة بأشجار البرتقال والنباتات البرية فتظهر، هنا وهناك، القباب البيضاء، حيث دفن الرجال المقدسون. وقد أعادت أعمال الترميم مؤخرا لشالة كل روعتها.

المنطقة العازلة ومدينة سلا

المنطقة العازلة، التي تغطي مساحة قدرها 852 هكتارا، تتألف أساسا من مناطق سكنية يعود تاريخها إلى القرن الماضي، مليئة بالآثار والمواقع التاريخية ذات القيمة التي لا يمكن إنكارها.

ويمتد الجزء الغربي والجنوبي الغربي، الذي شكلته المقاطعات السكنية المحيط، ماراسا، الليمون، حدائق أكدال، القبيبات، إلى كورنيش الرباط المطلة على المحيط الأطلسي. بالإضافة إلى العديد من المنازل المغربية التقليدية ومجمعات الفيلات الحديثة الرائعة، هذه المنطقة هي موطن للمواقع التاريخية الرئيسية. 

وبين هذه المنازل، لا يزال جزء من القنوات المائية القديمة التي زودت مدينة الرباط بالمياه ظاهرا للعيان منذ العصور الوسطى. وتتصل بعض البقايا بقناة عين غبولة (التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر، وأعمال السلطان عبد المومن، مؤسس الدولة الموحدية)، والبعض الآخر بقناة عين عتيق (التي بنيت في القرن الثامن عشر على يد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله).

ومن الآثار الأخرى التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، باب القبيبات وباب مراكش هي الأبواب الوحيدة السليمة من البوابات الأربعة الأولية التي اخترقت الأسوار العلوية. بنيت هذه الأسوار التي تبلغ 4300 متر في نهاية القرن الثامن عشر، تنطلق من المحيط، وتشمل جزأ من أكدال وتنتهي في أقصى الجنوب الشرقي من أسوار الموحدين.

في مواجهة المحيط يقف حصن هيرفي، المعروف أيضا باسم البرج الكبير أو فورت روتمبورغ. بني في أواخر القرن التاسع عشر، وكان مصمما لتعزيز الدفاع الساحلي. شكله مستطيل، مبني بالخرسانة والإسمنت كان متصلا بمستودعات تستخدم كثكنات للحامية ومستودع الذخيرة. وهي اليوم تحتضن المتحف الوطني للتصوير الفوتوغرافي. ويمكن للزوار أيضا اكتشاف بطاريته من المدافع الحديثة الموجهة نحو البحر.

يقع في حي أكدال ويطل على منطقة حديقة التجارب النباتية، وحديقة بلفيدير مثال رائع على “استصلاح المجالات الخضراء” العزيز على المخطط الحضري ومهندس المناظر الطبيعية جان كلود نيكولاس فورستيي.

ويتألف الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة العازلة من أحياء سكنية حسان العلوي (بيتي جان سابقا). ومع ذلك، فإن سهل وادي بورقراق يشكل معظم مساحته. هذه الأراضي الرطبة المالحة يعبرها الوادي الذي يجول سهل الولجى الواسع قبل التدفق في المحيط. وادي بورقراق موقع ذو أهمية بيولوجية كبيرة، هو موطن للعديد من الطيور والبرمائيات والأسماك، بما في ذلك بعض الأنواع النادرة.

تعتبر مدينة سلا أهم مكونات ضاحية بورقراق، وتتقاسم تاريخاً مشتركاً مع شقيقتها التوأم على الضفة اليمنى، ومع التطور الكبير الذي شهدته حقبة الموحدين والمرينيين، التي تزود المدينة بتحف معمارية مثل مسجد الموحدي الكبير، ثالث أكبر مسجد في المغرب، الأسوار المرينية ومدخلها الشامخ باب المريسة أو برج الدموع، الذي بني في نفس الوقت، وصنف تراثا وطنيا منذ عام 1914.

مع وصول الموريسكيين الأندلسيين في القرنين السادس عشر و السابع عشر، أصبحت المدينة مركزا حيويا للقراصنة، وقد وصلت  شهرة القراصنة السلاويين حتى انجلترا. وقد عرفت أيضا، لقرون، كملاذ للمثقفين ورجال الدين، كانت المدينة القديمة مركزا ثقافيا ودينيا راقيا ويمكنها التباهي بعدد كبير من النزهات الإسبانية-الموريسكية، الزوايا، الأضرحة والمكتبات.